10/13/2011

" مريـــض على الطلـــب "


:
بدأت الأقلام تحكي عن واقعٍ غدونا نعيشه بين تلك الأروقة البيضاء .. و هو ما ينبغي ..


أن تُخلد رؤيتنا - الخدّيجة - لعالم تطؤه أقدامنا بحق .. للمرة الأولى !


رؤية ، لا تفارق خلاصة نقية من المفاهيم و القيم التي نسعى لتقنينها في خضم اختلاف الجنسيات ، الثقافات ، الخبرات ، و العقد النفسية !


قلتُ تخلد .. أملاً في أن نعود إليها يومًا .. و يا تُرى ؟


هل ستعانق الشفتين ابتسامة الحنين .. و رضى الضمير عن تطبيق مُحصلة تلك الخلاصة ،،


أم ابتسامة سخرية من تلك البراءة و همسة فِكر :أسلوب الممارسة أسهل دون تلك التعقيدات و الحساسية المفرطة !


:




في بداية السنوات الإكلينيكية يتم التأكيد مرارًا و تكرارًا على أهمية اتقان مهارة - التاريخ المرضي - .. و أعني بذلك تقمّص دور المحقق كونان في النظرة - الحذقة - ، طرح الأسئلة ، و الربط بين كل الإجابات، و الملاحظات للوصول لأقرب التشخيصات قبل الشروع في الفحص الفيزيائي .


الموضوع يبدو ممتعًا و بحاجة إلى تدريب مستمر .. و من السهولة بمكان أن يتم ذلك هنا في المسشتفى ..


هكذا كنتُ أظن !


إلى اللحظة التي بدأنا فيها الممارسة الحقيقية . ..


لتحترق ورقة تلك - السهولة - .. و يتناثر رمادها في وادٍ سحيق !!




/


نشد العزم من الصباح الباكر ، ربما قبل الدوام بساعتين أو ثلاث .. آملين في أن نحصل على تاريخ كامل أو اثنين كأقصى حد،و ضعوا ستين خطًا تحت كلمة - كامل -و التي لم أفرح بتحقيقها حتى الآن .. !!


نبدأ باسم الله .. نصعد إلى دور الباطنة .. و هو محطتنا الأولى .. ونفتح الـ - admission book - تجول أعيننا بشغف بين - الأعمار - و نتخير الأعمار الصغيرة التي تمكننا من التحدث إلى المريض شخصيًا لا إلى مرافقيه ، يبدو لنا الأمر أسهل هكذا .. كبداية .. و لكن لن تكون هذه طبيعة الممارسة الطبية لاحقًا أعني - مريض على الطلب - ! .. إذًا الأمر ليس مفيدًا على المدى الطويل .


/


نرصد أرقام الحجرات و الأسرة على الورقة البيضاء الحافلة بالأسئلة التي نأمل بطرحها .. و نبدأ رحلة التجوال بين الأروقة حيث الهدوء التام .. فلازلنا في بداية اليوم !




لتأتينا المفاجأة على طبق من زمرد !




كلهم




نــــــــــــائــمـــون !!




ننتقل من حجرة لأخرى .. و من دور لآخر .. و الحال على ما هو عليه !! << بالطبع ليس دائًما .


و عقارب الساعة تطير مسرعةً لتتوقف عند الـ 10 ! حيث بداية الحلقات التدريبية .. فنصعد إلى الدور الرابع .. بخفي حنين .. و علامات الإحباط تعلو وجوهنا .. و بعد زفرة حارة .. تعود آمالنا لتنبض بالحماس .. لما بعد الثالثة!




-الحديث يشمل من يتظاهرون بالنوم عند سماع خطواتنا تقترب من الباب-


/




كانت الفرصة متاحة يومًا .. ما بين الساعه 12 و الواحدة .. لنجدهم منشغلين بتناول الغداء !!


و إن استطعنا اللحاق بهم قبل رفع الغطاء عن الأطباق .. سألناهم بأدب : ممكن نسألك أو بتتغدي؟ .


فتأتي الإجابة فورًا : بتــــغدى .


نتراجع بحرج و ضيق الوقت يخنقنا ..


/


و ما بعد الساعة الثالثة .. وبالتحديد قبل انقضاض ساعات الزيارة ..


إن حالفنا الحظ للقاء أحدهم ..


ندخل بابتسامة عريضة و نهتف : السلام عليكم ..


فيأتي الرد : و عليكم السلام


.. تـــخــفــــق القلوب فرحًا !! .. : إحنا طالبات سنه رابعه ، إذا تسمحيلنا نسألك عن حالتك ؟؟


- لحــــظة صمـــت-


نتابع فيها - هـــز الرأس - نفيًا و تلك الشفتان تهتفان بصوت بالكاد نسمعه : ما في كلام أربي !!


.أو .. تأتينا الإجابة مباشرة و بإصرار تام : مـــــافي سؤال !


أي .. لا تفكري أبدًا بطرح الأسئلة !!


:


أو


نلاحظ أمارات الألم أو الضيق على وجوههم .. فنسألهم مشفقين : تعبانه أو نقدر نسألك ؟.


فتهمس .. بالتعب !


/


و حالما حاصرنا اليأس .. قبضنا أكفنا و كسرنا القاعدة .. انــــــــــطلقنا لطاعن في السن ،لا قدرة له على الحديث ، فتكفل مرافقاه بالإجابة إما بمعلومات ناقصة أو هز للكتفين دلالة على عدم المعرفة .. أو نظرات تضجر و تأفف يحرق الشفتين!
لتمتلأ ورقة التاريخ المرضي .. بأطنان من علامات الاستفهام !!


/


هذا عوضًا عن بعض الحالات التي نجد السرير فيها .. خاليًا !


/
..


و في ساعات الزيارة .. نتحرج من الدخول .. فهذه فرصتهم للقاء أحبابهم !


و نكره أن نقطعها .. !




/




أتساءل ..


هل نمضي على ما نحن عليه ..


بمحصلة قليلة من الإنجازات ..


أم ينبغي أن نتحلى بمزيد من الجرأة فنلح في الطلب لنصل إلى ما نريد .. أن نترك الخجل و العواطف جانبًا ..


هل يحق لنا ..


أن نوقظهم من النوم ؟؟


؟؟ أو نأخذ ذلك التاريخ الطويل أثناء تناول الطعام .. أو موعد الزيارة


أو التقاط الإجابات بإصرار رغم ذاك الصوت المعتصر من شدة الألم ؟؟!!


هل يمكننا ذلك في أثناء فترة التدريب هذه .. ؟؟


/




على الجانب الآخر ..


" الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى "


الصحة من أعظم النعم التي نرفل فيها ..


و المرض إرهاق نفسي و عضوي لا يُطاق ..


فما بالنا بحالهم .. تحت وطأة المرض و لهيب المعاناة .. و أكوام الأسئلة التي تُطرح عليهم من عشرات الطلبة ! ..


/


إذًا ,, هي معاناة على الجانبين ،،


:


/


لم أزل أذكر  :


نقل عن أبقراط قوله: [أي امرئ أعطاه الله علماً يشفي به المرضى وحباه بذلك، فبلغ من قساوة قلبه ألا ينصحهم ولا يشفق عليهم إنه لبعيد من كل خير بعيد من الطب] كتاب التشويق الطبي: 24 .


هناك تعليق واحد:

  1. ابنت اختي الحبيبه اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يتحقق لك ماتتمنين ويوفقك ويسعدك ويصبرك على معاناتك والله اشفقت عليكم والله يفتحها في وجهك وييسرلك الطيبين حتى تنتهي من دراستك ونفتخر فيك ونقول هذي بنت اختي الدكتوره امل والله انت نعم البنت في اخلاقك وبرك في امك وتدينك فأسال الله ان يثبتك على دينه وفي الختام اعذرينا اذا فيه اخطاءاو سوءالتعبير بس والله قلتلك اللي في قلبي 

    ردحذف