6/18/2012

و كـــــان يومًا في الطوارئ ~

لأول مرة أعيش أحداثًا كتلك التي كنا نشاهدها على التلفاز.. رافقتُ الحالة من بعد دخولها بساعات في قسم الحالات المستقرة و كنا في انتظار نتيجة التحاليل ، ليصل معدل الأكسجين فجأة إلى 35 و في ثوانٍ معدودة نُقلت المريضة سريعًا إلى قسم الحالات الحرجة. الشريط يسير مسرعًا بين نظرات الأهل الفزعة و هتافاتهم المتسائلة، بين الجرس و هو يرن منذرًا بتواجد حالة طارئة، بين تسابق الأطباء و طاقم الطوارئ لإنقاذ الحالة، بين صرخات المريضة الملتاعة و هي تنادي والدها بما تبقى من أنفاسها المقطوعة، بين دموع الأب و هو يجثو على قدميه عند باب الحجرة و القلق العارم المتفجر على ملامح إخوتها، بين اهتمام و سرعة الطبيبة و هي تطلع على نتائج وظائف الكلى ثم نقلها الخبر للمريضة الشابة بضرورة الغسيل و وضع القسطرة، تأن بنبرات البكاء لتخبرها بخوفها فتسعى لطمأنتها و تنبيهها إلى ضيق الوقت و حاجتهم إلى تعاونها، يبدأ الفريق بتجهيز الأدوات و الطبيب عند رأسها، و الطبيبة تشرح الموضوع للإخوة و الأب الذي أبدى موافقته على الفور بصوته المتهدج، و بدأ الجزء الصعب بضرورة استلقائها على ظهرها مما يزيد من اختناقها و لكنه الوضع الأنسب لوضع القسطرة في الوريد الوداجي Jugular vein، و في تلك اللحظات.. بين صرخاتها المكتومة و معدل الاكسجين الذي ينخفض بشكل مخيف و علامات القلق و التركيز على وجه الطبيب و هو يسرع بوضع القسطرة..الأنفاس مكتومة و الأبصار تنتقل بين شاشة المعدلات الحيوية و بين يدي الطبيب التي تتحرك سريعًا لإتمام العمل و بين اتصالات الطبيبة الطارئة من أجل تجهيز المكان لاستقبال المريضة في مركز الكلى.. دقائق كساعات حتى تنفسنا شيئًا من الصعداء و اللمسات الأخيرة تتم لتثبيت القسطرة و أسطوانة الأكسجين توضع أسفل السرير، لم تنتظر الطبيبة سيارة لتقلها إلى المركز القريب بل اختصرت الوقت بنقلها فورًا مع باب الطوارئ لنقطع الشارع و الممرضات يدفعن السرير بسرعة تحت الشمس إلى مبنى الكلى المجاور و من ثم إلى الحجرة المخصصة حيث تم استقبالها سريعًا و بدأ الدم القاني يمر مع تلك الأنابيب و المعدلات الحيوية تتحسن شيئًا فشيئًا......حمدنا الله و الطبيبة تبشر المريضة بتحسن الوضع و آخر لقائنا بها و هي تهتف لشقيقتهاالباكية من خلف قناع الأكسجين بـ: تعالي هنا. لتأتي وتجلس بقربها.

غادرت المكان و الصمت يلجمني و كل ما مضى يمر أمام عيني، كيف تطورت حالتها في غضون دقائق معدودة وكيف سابق الطاقم الزمن من أجل إنقاذها و صيحات الأطباء وسط المعمعة :
 “life saving"
 " the patient will die”
سبحان الله و الحمدلله حمدًا كثيرًا،،
/
من أهم النقاط التي لفتتني فيما ما مضى :

١- اهتمام الطبيب المقيم بالحالة و تنبهه إلى قياس معدل الأكسجين مرة أخرى لينقل المريضة في الوقت المناسب حيث الحالات الحرجة.
٢- الإهمال ، تم تشخيص المريضة منذ سبعة أشهر بقصور في وظائف الكلى و عليه ارتفاع الضغط و أعطيت عددًا من العلاجات ، تحسن الوضع و لكن المريضة أوقفت الأدوية كلها و لم تراجع الطبيب مرة أخرى، و أتت اليوم للطوارئ بعد تجمع كميات كبيرة من السوائل في جسدها و رئتيها.
٣- كونك متدرب و متعاطف مع الحالة لا يعطيك الصلاحية بتاتًا بالإجابة عن تساؤلات أهل المريض فيما يخص الحالة.
/
اللهم اشف مرضانا و مرضى المسلمين، و أعنا على حمل أمانة المهنة كما يجب،،